بدأت دعوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في غار حراء عندما نزل عليه الوحي لأول مرة. وكانت هذه اللحظة مفصلية في تاريخ البشرية والإسلام. تعد الآيات الأولى من سورة العلق، هي أول ما نزل من القرآن الكريم على النبي محمد، وهي قوله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ
خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ
اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ
عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ

(العلق: 1-5)

الخلفية التاريخية

قبل أن يبدأ النبي محمد دعوته، كان يتعبد في غار حراء، وهو مكان يقع في جبل النور بالقرب من مكة. في هذا الغار، كان النبي يختلي بنفسه متأملاً في الكون والخلق، ومفكراً في الظواهر التي تحيط به. كان هذا قبل أن يتلقى الوحي أي رسالة أو إشارة من الله.

حادثة الوحي

في ليلة مباركة من شهر رمضان، وفي سن الأربعين، نزل عليه الملاك جبريل بأمر الله. ظهر جبريل للنبي محمد وقال له: “اقرأ”. ورد النبي قائلاً: “ما أنا بقارئ” (أي أنه لا يعرف القراءة). كرر جبريل الأمر مرة أخرى، وفي الثالثة قال:

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ

كانت هذه اللحظة بداية الرسالة الإسلامية. فهذه الآيات ليست مجرد كلمات بل هي دعوة للتعلم، والتفكير، والعلم. طلب جبريل من النبي أن يقرأ باسم الله الذي خلق الإنسان من علق (قطعة دم متجمدة)، وعلمه الكتابة بالقلم، وعلم الإنسان ما لم يكن يعلم.

الدروس المستفادة

توضح هذه الآيات أهمية العلم والمعرفة في الإسلام. الدعوة إلى القراءة والتعلم جاءت في أول ما نزل من الوحي، مما يشير إلى أن العلم هو أساس الدين والحياة. هذه الآيات تبرز أيضا قوة الله في الخلق والتعليم.

تأثير هذه الآيات على النبي محمد

بعد هذا الحدث العظيم، عاد النبي محمد إلى بيته، وهو يرتجف من هول الموقف، وأخبر زوجته خديجة بما حدث. قامت خديجة بتهدئته وأخذته إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، الذي كان عالماً بالكتب السماوية السابقة. أكد ورقة أن ما نزل على محمد هو الوحي الذي نزل على الأنبياء من قبله.

خاتمة

كانت الآيات الأولى من سورة العلق بداية الرسالة الإسلامية. حملت هذه الكلمات البسيطة في ظاهرها، المعاني العميقة والدروس الكبيرة التي ما زال المسلمون يستفيدون منها حتى اليوم. تعليمات الله للنبي محمد في هذه الآيات هي دعوة لجميع البشر للتعلم، والتأمل، والتفكر في خلق الله، وهي القيم التي تسهم في بناء مجتمع معرفي ومتطور.