جمال عبد الناصر رئيس مصر الثاني وأحد أبرز القادة في تاريخ مصر والعالم العربي في القرن العشرين. ويمثل رمزًا للثورة والتحول في المنطقة. ورغم مرور العديد من العقود على رحيله. ما زال ناصر يحتفظ بمكانة كبيرة في قلوب المصريين والعرب، خصوصًا لمن سمعوا عنه، ولكنهم لم يعيشوا حقبة حكمه. فكان ناصر شخصية محورية في مرحلة حاسمة من تاريخ مصر. حيث قاد الأمة إلى العديد من التحديات والانتصارات ولاسيما والهزائم، ورغم ذلك ترك أثرًا لا يمكن نسيانه. فإذا كنت من الجيل الذي لم يدرك فترة حكمه، فإليك هذا المقال الذي سيتناول كل ما تحتاج معرفته عن هذا الزعيم الاستثنائي.
من هو جمال عبد الناصر ؟
جمال عبد الناصر هو أحد أبرز الشخصيات السياسية والعسكرية في تاريخ مصر والعالم العربي. وكان الرئيس الثاني لجمهورية مصر العربية كما ذكرنا. وُلد في 15 يناير 1918 في مدينة الإسكندرية، وارتبط اسمه بثورة 23 يوليو 1952 التي أطاحت بالنظام الملكي في مصر وأدت إلى إعلان الجمهورية.
السيرة العسكرية والسياسية:
تخرج جمال عبد الناصر من الكلية الحربية في عام 1938، وبدأ مسيرته العسكرية في الجيش المصري حيث أصبح ضابطًا متميزًا. كان ناصر جزءًا من مجموعة من الضباط الشباب الذين سئموا من الفساد السياسي في عهد الملك فاروق. هؤلاء الضباط أسسوا حركة “الضباط الأحرار”، التي كان هدفها الإطاحة بالملكية وتغيير النظام السياسي في مصر.
وفي 23 يوليو 1952، قاد ناصر مع مجموعة من الضباط هذه الثورة. التي أدت إلى تنحي الملك فاروق عن العرش، وبدأت حقبة جديدة في تاريخ مصر.
وبعد تلك الثورة، تولى جمال عبد الناصر منصب نائب رئيس الجمهورية، وفي عام 1954 أصبح رئيسًا لمصر بعد استقالة الرئيس الأول محمد نجيب. طوال فترة حكمه، عمل ناصر على تبني سياسات اشتراكية قومية تهدف إلى تحديث مصر اقتصاديًا واجتماعيًا. حيث قام بتأميم العديد من الصناعات الكبرى، وأطلق مشاريع تنموية كبرى، مثل بناء السد العالي في أسوان، الذي كان من أكبر المشروعات في تاريخ مصر.
السياسة الخارجية:
على الصعيد الخارجي، تبنى جمال عبد الناصر سياسة مناهضة للاستعمار. وكان صوتًا قويًا في حركة عدم الانحياز التي سعت إلى تحقيق استقلال الدول النامية في مواجهة القوى الكبرى. كما كان ناصر داعمًا قويًا للقضية الفلسطينية، وسعى إلى تعزيز الوحدة العربية. وكان له دور بارز في حروب 1956 ضد العدوان الثلاثي، وحرب 1967 ضد إسرائيل. رغم الهزيمة في 1967، ظل ناصر رمزًا للصمود في مواجهة القوى الاستعمارية.
ما هي ديانة عبد الناصر؟
جمال عبد الناصر كان مسلمًا، وكان يعتنق الديانة الإسلامية مثل غالبية المصريين. ومع ذلك، كانت توجهاته السياسية تتسم بالعلمانية، حيث عمل على فصل الدين عن السياسة في الكثير من الأحيان. رغم أن مصر تعد دولة ذات أغلبية مسلمة. وكانت علاقة ناصر بالإسلام متوازنة، إذ لم يكن يميل إلى التدين الظاهري أو ممارسة الشعائر بشكل علني. لكنه كان يحرص على التأكيد على هوية مصر الإسلامية في خطبه وقراراته.
كم سنة حكم جمال عبد الناصر؟
حكم جمال عبد الناصر مصر لمدة 14 عامًا، من عام 1954 حتى وفاته في 1970. هذه الفترة كانت حافلة بالكثير من التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر والعالم العربي. على الرغم من التحديات التي واجهها، مثل الهزيمة في حرب 1967. إلا أن ناصر كان يتمتع بشعبية كبيرة في مصر وفي العديد من الدول العربية.
هل كان يدخن جمال عبد الناصر؟
كان المدخن المنتظم، ويعتبر التدخين جزءًا من حياته اليومية. لكن على الرغم من تدخينه، كان لديه انضباط عسكري في العديد من جوانب حياته. وخاصة فيما يتعلق بالعمل والواجب الوطني.
رئيس وزراء مصر ايام جمال عبد الناصر:
في عهد ناصر، شغل منصب رئيس وزراء مصر عدة شخصيات بارزة، وكان من بينهم رئيس الوزراء الأشهر علي صبري وعبد الحكيم عامر في فترات معينة. وتتابع المنصب جاء كالتالي:
جمال عبد الناصر نفسه:
في البداية، تولى جمال عبد الناصر منصب رئيس الوزراء في مصر بعد ثورة 23 يوليو 1952 التي قادها مع مجموعة من الضباط الأحرار. عندما أصبح رئيسًا للجمهورية في 1954 بعد تنحي محمد نجيب. قام بتولي منصب رئيس الوزراء بشكل مؤقت حتى عام 1956، قبل أن يعين شخصيات أخرى في هذا المنصب.
رئيس وزراء مصر “عبد الحكيم عامر” (1954-1956):
عبد الحكيم عامر هو أحد أبرز القادة العسكريين في مصر وكان أيضًا من القريبين من جمال عبد الناصر، وترك أثرا بارزًا في الفترة العسكرية.
اول رئيس لجهاز المخابرات المصرية في عهد جمال عبد الناصر:
أول رئيس لجهاز المخابرات العامة المصرية في عهد جمال عبد الناصر كان صلاح نصر.
صلاح نصر كان أحد الضباط البارزين في الجيش المصري وشارك في ثورة 23 يوليو 1952. وفي عام 1957، تم تعيينه رئيسًا لجهاز المخابرات العامة المصرية، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 1967. كان صلاح نصر أحد الشخصيات البارزة في فترة حكم جمال عبد الناصر، وكان له دور كبير في تطوير جهاز المخابرات وتعزيز قدراته في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.
تحت قيادته، كان جهاز المخابرات العامة المصرية يعمل على جمع المعلومات والاستخبارات على الصعيدين المحلي والدولي، وكان له دور مهم في مراقبة الأنشطة المعادية للنظام المصري، بما في ذلك في ظل الصراع مع إسرائيل والدول الغربية. إلا أن فترة صلاح نصر في المخابرات شهدت أيضًا بعض القضايا المثيرة للجدل، التي أدت إلى تراجع دوره بعد حرب 1967.
من هم أبناء الزعيم جمال عبد الناصر رئيس مصر؟
كان للزعيم المصري الراحل، أربعة أبناء، ثلاثة من الذكور واثنتان من الإناث. وفيما يلي تفاصيل عن أبنائه:
عبد الحكيم عبد الناصر:
هو الابن الأكبر لجمال عبد الناصر، وُلد في عام 1945. كان عبد الحكيم قريبًا من الحياة العامة، وقد اختار في البداية مسارًا عسكريًا. بعد وفاة والده، اختار الابتعاد عن السياسة والتركيز على حياته الخاصة. حصل على شهادة في العلوم العسكرية، وكان يشغل بعض المناصب العسكرية في الجيش المصري، إلا أنه لم يلعب دورًا بارزًا في السياسة المصرية بعد وفاة والده.
خالد عبد الناصر:
وُلد في عام 1948، وهو ثاني أبناء جمال عبد الناصر. على عكس أخيه الأكبر، خالد كان أقل ظهورًا في الساحة العامة بعد وفاة والده، ولكنه ظل مهتمًا بالأنشطة السياسية في إطار بعض المواقف السياسية بعد فترة حكم السادات. خالد أيضًا اختار أن يبتعد عن السياسة بشكل عام، حيث تابع دراسته في الخارج واهتم بالحياة الأكاديمية.
هدى عبد الناصر:
هي الابنة الكبرى للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وهي واحدة من الشخصيات التي ارتبطت باسم والدها في فترات مختلفة من حياتها. ولدت في 1951، وكانت هدى واحدة من الأفراد الذين نشأوا في ظل نظام سياسي يتسم بالتحولات الكبيرة في مصر والعالم العربي.
منى عبد الناصر:
هي الابنة الثانية للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وُلدت في 1953، في ظل البيئة السياسية المشحونة التي كانت تشهدها مصر بعد ثورة 23 يوليو 1952، التي قادها والدها. منى عبد الناصر نشأت في بيت الرئيس الذي شهد مرحلة من التغيرات الجذرية في مصر والعالم العربي. على الرغم من أن حياتها العامة كانت أقل ظهورًا من شقيقتها الكبرى هدى عبد الناصر، إلا أن منى كانت حاضرة في بعض المحطات السياسية والاجتماعية التي شكلت التاريخ المصري الحديث.
عبد الحميد عبد الناصر:
لكن لم تذكر عنه معلومات مؤكدة تخصه.
وتربت أسرة جمال عبد الناصر في ظل قيادة والدهم التاريخية لمصر، ورغم أن أبناءه لم يتخذوا أدوارًا بارزة في السياسة بعد وفاته، إلا أنهم ظلوا جزءًا من إرثه التاريخي.
سياسة الرئيس جمال عبد الناصر في مصر اثناء حكمه:
كانت سياساته تمثل تحولًا جذريًا في تاريخ مصر الحديث، حيث سعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، والاستقلال الوطني، وتعزيز مكانة مصر الإقليمية والدولية. ويمكن تلخيص سياسات جمال عبد الناصر في عدة محاور رئيسية:
السياسة الداخلية:
- الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية:
عندما تولى عبد الناصر السلطة بعد ثورة 23 يوليو 1952، كانت أولويته هي تنفيذ إصلاحات اجتماعية واقتصادية تهدف إلى تحسين حياة الشعب المصري. فكانت هناك سلسلة من الإصلاحات التي شملت:
- الإصلاح الزراعي:
تم إصدار قانون الإصلاح الزراعي في عام 1952 الذي استهدف تقسيم الأراضي الزراعية الكبرى وتوزيعها على الفلاحين. كانت هذه الخطوة تهدف إلى تقليل التفاوت الطبقي في المجتمع وتحقيق العدالة الاجتماعية.
- التأميمات:
شملت سياسات التأميم في العديد من القطاعات الاقتصادية الهامة مثل البنوك، شركات النقل، الكهرباء، والمصانع الكبرى. كانت هذه الإجراءات تهدف إلى تقوية الاقتصاد المصري والسيطرة على مصادر الثروة.
- التعليم والصحة:
عمل ناصر على تحسين التعليم وتوسيع نطاقه، حيث أنشئت العديد من المدارس والجامعات في كافة أنحاء مصر. كما تم تحسين نظام الرعاية الصحية من خلال بناء المستشفيات وتوفير الخدمات الصحية.
- القضاء على النظام الملكي وبناء دولة حديثة:
عبد الناصر كان قد شارك في الإطاحة بالملك فاروق في ثورة 1952، وبعد ذلك سعى إلى بناء دولة حديثة تعكس روح التحرر الوطني والتقدم. ألغى الملكية وأعلن مصر جمهورية، وتبنى سياسة علمانية تهدف إلى تطوير المجتمع وتحديثه.
السياسة الخارجية:
- العلاقات مع الدول العربية:
كانت الوحدة العربية هي إحدى أهم أهداف عبد الناصر. حاول بناء تحالفات عربية قوية من خلال دعمه لحركات التحرر في الدول العربية. كما قام في عام 1958 بتوحيد مصر مع سوريا في “جمهورية الوحدة العربية”، وهو الاتحاد الذي لم يستمر طويلاً بسبب الخلافات السياسية ولكن ظل نموذجًا لفكرة الوحدة العربية.
كانت مصر تحت قيادته مركزًا للقومية العربية، وناصر كان يتبنى شعار “العروبة” ويؤمن بأن تحرير فلسطين والوحدة العربية هما الهدفين الرئيسيين.
- التحرر الإفريقي ودعم حركات الاستقلال:
ناصر كان من أبرز الداعمين لحركات التحرر في إفريقيا من الاستعمار. فقدم دعمًا كبيرًا للثوار الجزائريين في حربهم ضد الاستعمار الفرنسي. كما دعم حركات التحرر في دول أخرى مثل أنغولا وموزمبيق. كما كان عبد الناصر يعتبر أن التحرر من الاستعمار في إفريقيا هو جزء من نضال الأمة العربية ضد الإمبريالية والاحتلال.
- مصر والعلاقات مع القوى الكبرى:
ناصر كان يراهن على عدم الانحياز في العلاقات الدولية، حيث كان يسعى إلى تحييد مصر عن الانحياز لأي من الكتلتين المتنافستين في الحرب الباردة (الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي). ولكن في العديد من المواقف، وخصوصًا في فترة الخمسينيات، دعمت مصر الاتحاد السوفيتي في مواجهة الهيمنة الغربية.
وكانت حرب السويس 1956 نقطة تحول في السياسة المصرية، حيث قرر ناصر تأميم قناة السويس مما أدى إلى العدوان الثلاثي من قبل بريطانيا وفرنسا وإسرائيل. ورغم الهجوم، نجحت مصر في تعزيز مكانتها الدولية.
السياسة العسكرية:
الجيش المصري كان أحد الركائز الرئيسية في نظام عبد الناصر. قام بتحديث الجيش المصري بشكل كبير، وكان يعتقد أن قوة الجيش ضرورية لتحقيق الأمن الداخلي والخارجي.
كانت حرب 1967 من أبرز محطات سياسة عبد الناصر العسكرية. ورغم استعدادات الجيش المصري، إلا أن الهجوم الإسرائيلي السريع أسفر عن هزيمة مفاجئة، مما أدى إلى فقدان مصر للضفة الغربية، والقدس، وقطاع غزة ،وسيناء. لكن رغم ذلك عبد الناصر حافظ على شعبيته بين المصريين بعد الحرب بفضل المواقف السياسية التي اتخذها بعد الهزيمة.
السياسة الاقتصادية:
- الاشتراكية:
كان ناصر يسعى إلى تطبيق نظام اشتراكي في مصر. قام بتأميم العديد من الشركات والمصانع الكبرى، وكان يهدف إلى بناء اقتصاد مركزي قوي تعتمد فيه الدولة على القطاع العام. كانت مصر في هذه الفترة من الدول الاشتراكية في العالم العربي.
- التخطيط المركزي:
تم اعتماد سياسة التخطيط المركزي في الاقتصاد المصري، حيث عملت الحكومة على تحديد خطط طويلة المدى لتنمية القطاعات المختلفة، مثل الصناعة والزراعة.
الانتقادات والتحديات:
رغم الجهود التي بذلها عبد الناصر لتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية، واجهت سياساته العديد من الانتقادات، وخاصة بعد نكسة 1967، ما أدى إلى فقدان الأراضي المصرية وتراجع الشعب عن سياسة القيادة الناصرية.
كما تعرضت سياسات التأميم والإصلاح الزراعي لانتقادات من بعض الأوساط الاقتصادية التي رأت أن هذه السياسات قد تسببت في اختلالات اقتصادية، مثل انخفاض الإنتاجية وتراجع القطاع الخاص.
العلاقات المصرية الأفريقية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر:
تعد العلاقات المصرية الإفريقية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر واحدة من أبرز محاور السياسة الخارجية لمصر في تلك الحقبة. فقد كانت إفريقيا بالنسبة لعبد الناصر تمثل بعدًا استراتيجيًا هامًا، حيث رأى أن تعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية لا يقتصر على المصالح الاقتصادية أو السياسية فحسب، بل كان يتعلق أيضًا بالقيم التحررية والتضامن بين الشعوب التي تناضل ضد الاستعمار والتمييز العنصري.
دعم حركات التحرر الإفريقي:
عبد الناصر كان من أبرز الداعمين لحركات التحرر في القارة الإفريقية، حيث اعتبر أن استقلال إفريقيا من الاستعمار هو جزء من نضال الأمة العربية ضد الاستعمار. فبعد وصوله إلى السلطة، دعم ناصر العديد من حركات التحرر في مستعمرات إفريقيا مثل الجزائر وكينيا وجنوب إفريقيا.
- الجزائر:
دعم ناصر بشدة حركة التحرر الجزائرية بقيادة جبهة التحرير الوطني في مواجهة الاستعمار الفرنسي. وقدمت مصر مساعدات مالية وعسكرية للثوار الجزائريين، بل وأصبح جمال عبد الناصر أحد أبرز الداعمين للثوار في كافة المحافل الدولية.
- جنوب إفريقيا:
ناصر كان من أبرز مناصري مكافحة نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وقدم دعمًا معنويًا ودبلوماسيًا للمنظمات المناهضة للفصل العنصري مثل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي بقيادة نيلسون مانديلا، الذي كان يلقى دعمًا كبيرًا من مصر.
سياسة عدم الانحياز:
كان جمال عبد الناصر أحد المؤسسين لحركة عدم الانحياز التي انطلقت في عام 1961، والتي كانت تهدف إلى تعزيز التضامن بين الدول النامية في مواجهة الاستعمار، سواء كان غربيًا أو شرقيًا. وكانت الدول الإفريقية تشكل جزءًا مهمًا من هذه الحركة. حيث عمل ناصر على دعم استقلالية الدول الإفريقية في اتخاذ قراراتها السياسية دون الانحياز لأي من القطبين: الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفيتي.
من خلال هذه الحركة، كان ناصر يحاول توحيد الدول النامية تحت شعار “الحياد الإيجابي” ومناهضة الهيمنة الاستعمارية، وكان له تأثير كبير في تعزيز المواقف الإفريقية في المحافل الدولية.
دعم إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية:
كان جمال عبد الناصر أحد الداعمين الرئيسيين لإنشاء منظمة الوحدة الإفريقية في عام 1963، والتي سعت إلى تعزيز الوحدة والتضامن بين الدول الإفريقية وتعزيز استقلالها بعد انتهاء حقبة الاستعمار. وقد كانت مصر تحت قيادته من الدول المؤثرة في هذه المنظمة، حيث قدمت الدعم المالي والسياسي لكافة دول القارة في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي.
ناصر كان يدعو إلى ضرورة حل النزاعات الإفريقية بالطرق السلمية وتوفير الدعم للاقتصاد الإفريقي من أجل التنمية المستدامة. كما كان يتطلع إلى أن تكون مصر في قلب هذه الوحدة الإفريقية، مع التأكيد على ضرورة الدفاع عن قضايا إفريقيا.
دعم مشروعات التنمية في إفريقيا:
في فترة حكمه، سعى جمال عبد الناصر إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر والدول الإفريقية. قدمت مصر مساعدات فنية، مثل إرسال الخبراء المصريين للعمل في مشروعات تنموية في دول إفريقية عديدة، بما في ذلك بناء السدود، والطرق، وتنمية الزراعة ،والتعليم.
كما ساهمت مصر في نشر فكرة التعليم الجامعي بين الشباب الإفريقي، حيث قدمت المنح الدراسية للطلاب الإفريقيين للدراسة في الجامعات المصرية، مما ساعد على بناء قاعدة من الكوادر المتعلمة التي يمكنها أن تسهم في تطوير دولها بعد الاستقلال.
دور مصر في محاربة الاستعمار الأوروبي:
جمال عبد الناصر كان يرى أن الاستعمار ليس فقط تهديدًا للعالم العربي، بل أيضًا للقارة الإفريقية. وبذلك، كان ناصر يعتبر أن التضامن بين العرب والإفريقيين يجب أن يكون في صلب السياسة المصرية. قدمت مصر الدعم لعدد من الدول الإفريقية التي كانت ما تزال تحت الاستعمار الأوروبي، وكان يشدد على ضرورة التحرك الجماعي لتحقيق استقلال هذه الدول.
ناصر لم يكتفِ بالكلمات، بل عمل على محاربة الاستعمار في أفريقيا عبر تقديم الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي لبعض الحركات الإفريقية، مثل حركة التحرر في موزمبيق وأنغولا وغينيا، وكان هناك تعاون مستمر مع هذه الدول لدعم استراتيجياتهم التحررية.
التحديات والعوائق:
ورغم السياسات الإيجابية التي تبناها جمال عبد الناصر تجاه إفريقيا، واجهت علاقات مصر مع بعض الدول الإفريقية تحديات. على سبيل المثال، لم تكن كل الدول الإفريقية مؤيدة للسياسات الناصرية. خاصة في ظل وجود تباين في اهتماماتها السياسية والاقتصادية. كما كانت هناك بعض القضايا الحدودية والنزاعات الإقليمية التي أثرت على بعض العلاقات الثنائية مع الدول الإفريقية.
وخلاصة تلك الجزئية أن العلاقات المصرية الإفريقية في عهد جمال عبد الناصر تُعتبر مرحلة محورية في تاريخ السياسة الخارجية لمصر. فقد كان ناصر واحدًا من القادة البارزين الذين دعموا استقلال القارة الإفريقية من الاستعمار. بل وعمل أيضا على تعزيز التضامن العربي الإفريقي عبر دعم حركات التحرر، وإنشاء منظمة الوحدة الإفريقية. وتطوير مشروعات تنموية في الدول الإفريقية. ورغم التحديات، ترك ناصر إرثًا كبيرًا في العلاقات المصرية الإفريقية لا يزال يُذكر حتى اليوم.
سبب وفاة جمال عبد الناصر:
توفي جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970، إثر أزمة قلبية مفاجئة. كانت وفاته مفاجئة لشعب مصر والعالم العربي. حيث كانت مصر آنذاك تعيش مرحلة سياسية حساسة بعد هزيمة 1967، وكان ناصر يعد نفسه لتغييرات كبيرة في السياسة الداخلية والخارجية. بعد وفاته، تولى نائبه أنور السادات منصب الرئيس.
ماذا قيل في جمال عبد الناصر؟
جمال عبد الناصر كان شخصية محورية في تاريخ مصر والعالم العربي، وقد ترك إرثًا كبيرًا من الأقوال التي تجسد رؤيته السياسية، وإيمانه بالعدالة الاجتماعية والوحدة العربية. سواء من مؤيديه أو منتقديه، فقد كان ناصر محورًا للعديد من الأقوال الشهيرة التي تعكس تأثيره الكبير على المنطقة. وإليك بعض الأقوال المشهورة عن جمال عبد الناصر:
- أنور السادات (رئيس مصر الأسبق):
- “جمال عبد الناصر كان قائدًا فذًّا وصاحب رؤية استراتيجية لأمة عربية واحدة من المحيط إلى الخليج. لم يكن مجرد قائد لمصر، بل كان قائدًا لكل العرب.”
- إدوارد سعيد (المفكر الفلسطيني الشهير):
- “جمال عبد الناصر لم يكن مجرد رئيس لمصر، بل كان رمزًا للحرية والتحرر في العالم العربي. حمل هموم الأمة العربية وكان أحد المدافعين الأقوياء عن القضية الفلسطينية.”
- الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات:
- “جمال عبد الناصر كان هو قائد الأمة العربية، وقاد مصر في أحلك الظروف. قد يكون فقد حياته ولكن أفكاره ما زالت حيّة بيننا.”
- الكاتب المصري أحمد بهاء الدين:
- “جمال عبد الناصر كان رمزًا للتغيير في المنطقة العربية، وواحدًا من القادة الذين حاولوا تحقيق حلم الوحدة العربية وتحقيق العدالة الاجتماعية في ظل الاستعمار.”
قالوا أيضا:
- الجنرال الإسرائيلي موشيه ديان:
- “جمال عبد الناصر كان أحد القادة العرب الذين أعطوا القوة والوزن للقيادة المصرية والعربية. لم يكن مجرد قائد عسكري بل كان أيضًا قائدًا سياسيًا قويًا.”
- المفكر العربي محمد حسنين هيكل:
- “جمال عبد الناصر كان قائدًا ذو رؤية. سواء كانت رؤيته صحيحة أو خاطئة، إلا أنه كان يمتلك الإرادة لتحقيق التغيير في مصر والعالم العربي.”
- أمين عام جامعة الدول العربية السابق عمرو موسى:
- “جمال عبد الناصر كان أحد أكبر القادة الذين شهدهم القرن العشرون في العالم العربي. لم تكن فترة حكمه خالية من التحديات. لكنه كان قائدًا صاحب مبادئ وكان قادرًا على التأثير في مجريات الأحداث العربية والدولية.”
- الأديب المصري نجيب محفوظ:
- “ناصر كان القائد الذي حمل هموم المصريين والعرب. ورغم التحديات والهزائم، إلا أن وجوده في تاريخ مصر هو لحظة حاسمة لن تتكرر.”
تظهر هذه الأقوال مدى التأثير الكبير الذي أحدثه جمال عبد الناصر في مختلف الشخصيات السياسية والفكرية على مستوى مصر والعالم العربي. يُعتبر ناصر رمزًا للثورة والتغيير في المنطقة. ورغم الانتقادات التي واجهها، فقد ظل واحدًا من أبرز القادة الذين أسهموا في تشكيل التاريخ العربي الحديث
رئيس مصر بعد جمال عبد الناصر:
بعد وفاة جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970، تولى أنور السادات رئاسة مصر.
كان أنور السادات يشغل منصب نائب رئيس الجمهورية في عهد جمال عبد الناصر، وقد تم تعيينه رئيسًا لمصر بعد وفاة ناصر، وفقًا للدستور المصري في ذلك الوقت. وبدأ السادات حكمه في فترة حرجة من تاريخ مصر والعالم العربي، حيث كان هناك تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة، بالإضافة إلى تأثيرات هزيمة حرب 1967.
أبرز محطات في عهد أنور السادات:
- حرب أكتوبر 1973: من أبرز إنجازات السادات في بداية فترة حكمه كان قيادته حرب أكتوبر 1973 ضد إسرائيل. وهي الحرب التي قادتها مصر بالتعاون مع سوريا لاستعادة الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967، مثل سيناء. ورغم أن الحرب انتهت بهدنة، إلا أنها عززت مكانة السادات في العالم العربي، وأدى إلى إعادة الأمل في استعادة الأراضي المصرية.
- سلام كامب ديفيد: في عام 1978، وقع السادات اتفاقيات كامب ديفيد مع رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيغن برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، والتي أسفرت عن توقيع معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل في عام 1979. هذا الاتفاق كان له تأثير كبير على منطقة الشرق الأوسط. حيث عاد بموجبه سيناء إلى مصر، ولكن في نفس الوقت أثار جدلًا كبيرًا في العالم العربي.
- التغيرات الداخلية: على الصعيد الداخلي، قام السادات بإجراء تغييرات اقتصادية وسياسية كبيرة، أبرزها سياسة الانفتاح الاقتصادي أو “الـ انفتاح” والتي كانت تهدف إلى تحسين الوضع الاقتصادي من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز القطاع الخاص. كما شهدت فترة حكمه أيضًا تغيرات سياسية مثل رفع القيود عن الأحزاب السياسية (إصدار “انفتاح سياسي”)، لكن هذه السياسة أدت إلى تحديات وصراعات داخلية.
- اغتياله: في 6 أكتوبر 1981، خلال الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر. تم اغتيال أنور السادات.
بعد اغتياله، تولى حسني مبارك رئاسة مصر. وبعدها مرت مصر بالعديد من التغيرات والصراعات الى أن وصلت رئاسة مصر الأن الى الرئيس عبد الفتاح السيسي.
اقرأ المزيد أيضا عن: الدكتور مجدي يعقوب: الطبيب المصري الذي غير مجرى الطب في العالم
اضف تعليق