حرب المائة عام: صراع بين إنجلترا وفرنسا

حرب المائة عام هي سلسلة من النزاعات المسلحة التي دارت بين مملكتي إنجلترا وفرنسا من عام 1337 إلى 1453، واستمرت لمدة 116 عامًا. هذا الصراع الطويل شهد العديد من المعارك والتغيرات السياسية، وترك أثرًا كبيرًا على كلا البلدين وأوروبا بشكل عام.

خلفية الصراع

1. الأسباب الأساسية للنزاع
– المطالبات بالعرش الفرنسي: كان السبب الرئيسي للحرب هو مطالبة ملوك إنجلترا بالعرش الفرنسي. بعد وفاة الملك الفرنسي شارل الرابع بدون وريث ذكر، نشأت أزمة خلافة. طالب الملك إدوارد الثالث ملك إنجلترا، الذي كان حفيد فيليب الرابع ملك فرنسا، بالعرش الفرنسي بناءً على حق والدته، إيزابيلا من فرنسا. ومع ذلك، اختار النبلاء الفرنسيون فيليب السادس من فرع فالوا ليتولى العرش.
– التوترات الإقليمية: كانت هناك أيضًا توترات إقليمية طويلة الأمد بين البلدين، خاصة في منطقة غاسكونيا التي كانت تحت السيادة الإنجليزية ولكنها تقع داخل فرنسا.

2. الدوافع الاقتصادية والسياسية
– الثروة والسلطة: كانت السيطرة على الأراضي الفرنسية تتيح للإنجليز فرصة للوصول إلى ثروات وموارد إضافية، مما يعزز نفوذهم وقوتهم في أوروبا.
– التحالفات والزواج: الزواج بين العائلات المالكة والتحالفات السياسية لعبت دورًا كبيرًا في تعزيز المطالبات بالعرش وتأجيج النزاعات.

مراحل الحرب

1. المرحلة الأولى (1337-1360)
– بداية النزاع: بدأت الحرب رسميًا في عام 1337 عندما أعلن إدوارد الثالث الحرب على فيليب السادس. تميزت هذه الفترة بانتصارات إنجليزية كبيرة، مثل معركة كريسي (1346) ومعركة بواتييه (1356).
– معاهدة بريتاني (1360): انتهت هذه المرحلة بتوقيع معاهدة بريتاني التي أعطت إنجلترا السيطرة على أجزاء كبيرة من فرنسا مقابل إطلاق سراح الملك الفرنسي يوحنا الثاني.

2. المرحلة الثانية (1369-1389)
– تجدد القتال: جدد الملك الفرنسي شارل الخامس الحرب واستعاد معظم الأراضي التي فقدها الفرنسيون في المرحلة الأولى.
– الهدنة: انتهت هذه المرحلة بتهدئة مؤقتة نتيجة مشاكل داخلية في كلا البلدين.

3. المرحلة الثالثة (1415-1453)
– عودة القتال: جدد الملك الإنجليزي هنري الخامس الحرب وأحرز نصرًا كبيرًا في معركة أجينكور (1415).
– صعود جان دارك: في عام 1429، قادت جان دارك القوات الفرنسية لاستعادة مدينة أورليانز، مما شكل نقطة تحول في الحرب لصالح فرنسا.
– نهاية الحرب: انتهت الحرب في عام 1453 بانتصار الفرنسيين واستعادة معظم الأراضي التي كانت تحت السيطرة الإنجليزية، باستثناء مدينة كاليه.

النتائج والآثار

1. التغييرات السياسية والجغرافية
– نهاية المطالبات الإنجليزية: انتهت الحرب بفقدان إنجلترا لمعظم ممتلكاتها في فرنسا، مما أنهى المطالبات الإنجليزية بالعرش الفرنسي.
– تقوية الملكية الفرنسية: ساعدت الحرب في تقوية السلطة المركزية للملكية الفرنسية وأدت إلى تشكيل دولة فرنسية أكثر توحيدًا.

2. التحولات الاجتماعية والاقتصادية
– التأثير على النبلاء: تغيرت موازين القوى بين النبلاء والملكية في كلا البلدين، حيث اعتمد الملوك على دعم طبقات جديدة من البرجوازيين والتجار.
– التأثير الاقتصادي: تعرض الاقتصاد في كلا البلدين للضرر بسبب الحرب الطويلة، ولكنها أيضًا أدت إلى تطورات في تقنيات الحرب والزراعة والتجارة.

الخلاصة

حرب المائة عام بين إنجلترا وفرنسا كانت صراعًا معقدًا دام لأكثر من قرن وترك آثارًا عميقة على التاريخ الأوروبي. رغم أن الحرب بدأت بسبب مطالبات بالعرش والتوترات الإقليمية، إلا أنها تحولت إلى نزاع شامل أعاد تشكيل الدولتين ومهد الطريق لعصر النهضة الأوروبية.