هل حلمت يومًا بالتحليق عالياً في السماء، بقيادة طائرات حربية متطورة، وبحماية سماء وطنك؟ إذا كانت الإجابة نعم، فإن الكليه الجويه هي وجهتك المثالية. تعتبر الكلية الجوية من أعرق المؤسسات التعليمية والعسكرية التي تُعِدُّ نخبةً من الطيارين المتميزين. في هذا المقال، سنأخذك في رحلة شيقة إلى عالم الكلية الجوية. حيث تتشكل شخصيات الأبطال وتصقل مهاراتهم ليصبحوا حماة الوطن في الجو. سنستعرض معًا مميزات هذه الكليه. البرامج التدريبية المتقدمة التي تقدمها، ومتطلبات الالتحاق بها، بالإضافة إلى الحياة اليومية للطلاب الذين يسعون لتحقيق أحلامهم في أن يصبحوا قادةً في السماء. انضم إلينا في هذه الرحلة لاكتشاف عالم الطيران العسكري وكيف تُبنى أجيالٌ من الأبطال.
الكليه الجويه: من الحلم إلى التحليق
في عام 1937، انطلقت شرارة الحلم المصري في تأسيس كلية جوية وطنية، لتلبية احتياجات القوات الجوية المصرية المتنامية من الطيارين والملاحين المؤهلين. بدأت الرحلة بتدريب دفعة صغيرة من الطلبة الطموحين، الذين شكلوا نواة هذا الصرح العظيم.
كانت أول خطوة في هذا المسار بتدريب خمسة طلبة. منهم ضباط برتبة ملازم ثان وطلبة من الكلية الحربية، على يد الملازم ثاني طيار محمد صدقي محمود، باستخدام طائرات موث وافرو 626. ثم انتقل هؤلاء الطلاب إلى مدرسة الطيران البريطانية بأبي صوير لإتمام تدريبهم النهائي، ليتبعهم دفعة ثانية بنفس الأسلوب.
في أوائل عام 1937، اتخذ اللواء علي إسلام باشا. أول مدير مصري لسلاح الطيران بالجيش المصري. قرارًا تاريخيًا بإنشاء مدرسة الطيران العالي بالماظة، واستخدام مطار الخانكة كأرض نزول للتدريب حتى عام 1948. وتم التعاقد على شراء 36 طائرة “مايلز ماجستر” من بريطانيا، وصلت أول عشر طائرات منها في نهاية العام نفسه.
ومع تطور الحلم، جاءت الخطوة الكبرى في الأول من أغسطس 1950، باختيار مطار بلبيس كمقر جديد لمدرسة الطيران العالي، بعد إخلاءه من القوات الجوية البريطانية. وهكذا. امتلكت المدرسة مطارًا كبيرًا خاصًا بها، آمنًا وبعيدًا عن العمران، ومجهزًا بكافة الإمكانيات اللازمة للتدريب، ليصبح هذا المطار مهدًا لأجيال من نسور الجو المصريين.
تلك هي قصة البدايات المتواضعة، التي سرعان ما تحولت إلى إنجاز عظيم، لتضع مصر على خريطة الدول الرائدة في مجال الطيران العسكري. ومنذ ذلك الحين، واصلت الكلية الجوية المصرية مسيرتها في تخريج أجيال من الطيارين والقادة. الذين سطروا أسماءهم بحروف من نور في سجل البطولات والتضحيات، دفاعًا عن سماء الوطن وحماية أراضيه.
ما هي الكليه الجويه؟
الكلية الجوية هي مؤسسة عسكرية مرموقة، مهمتها تدريب وتأهيل الطيارين وضباط القوات الجوية. إنها ليست مجرد مكان للدراسة، بل هي بوتقة تنصهر فيها القيم الوطنية والشجاعة والانضباط، لتصنع جيلاً من القادة القادرين على تحمل المسؤولية والدفاع عن الوطن.
لماذا الكليه الجويه؟
تقدم الكلية الجوية فرصة فريدة للشباب الطموح لتحقيق أحلامهم في الطيران. إنها ليست مجرد وظيفة، بل هي رسالة سامية وشرف عظيم. في الكلية الجوية، ستتعلم أحدث التقنيات في مجال الطيران، وستتدرب على قيادة أحدث الطائرات، وستكتسب مهارات قيادية وإدارية لا تقدر بثمن.
هدف الكليه الجويه
تهدف الكلية الجوية إلى تخريج ضباط طيارين قادرين على قيادة مختلف أنواع الطائرات بما في ذلك المقاتلات. الطائرات متعددة المهام، المقاتلات القاذفة، طائرات النقل، والطائرات الهليكوبتر. كما تسعى إلى إعداد ضباط جويين متخصصين للعمل في مجالات التوجيه، المراقبة، والملاحة الجوية ضمن القوات الجوية. من خلال برامج تدريبية متقدمة وشاملة. تسهم الكلية الجوية في تجهيز هؤلاء الضباط بمهارات عالية وقدرات فنية تمكنهم من أداء مهامهم بكفاءة واحترافية، مما يعزز من قدرة القوات الجوية على حماية الوطن وتأمين سمائه.
شروط القبول في الكليه الجويه
تشترط الكلية الجوية لقبول الطلاب عدة معايير تضمن جودة المتقدمين واستعدادهم لتحديات الحياة العسكرية. يجب أن يكون المتقدم مصري الجنسية من أبوين وجدين مصريين، وأن يكون حسن السير والسلوك والميول والاتجاهات. يُشترط أن يكون غير متزوج ولم يسبق له الزواج، مع التعهد بعدم الزواج أثناء فترة الدراسة، وألا يكون قد سبق الحكم عليه أو على أحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة في أي جريمة. خصوصاً الجرائم المخلة بالشرف. كما يجب ألا يكون قد سبق فصله تأديبياً أو لعدم اللياقة الطبية أو عدم الصلاحية للحياة العسكرية من أي كلية أو مدرسة عسكرية.
بالإضافة إلى ذلك. يجب أن يكون المتقدم حاصلاً على شهادة الثانوية العامة بقسميها العلمي أو الأدبي. أو الثانوية الأزهرية، أو الشهادات المعادلة، بشرط ألا يكون قد مضى على حصوله على الشهادة أكثر من عام واحد. يُشترط ألا يزيد عمر المتقدم عن 21 سنة. وأن يستوفي شروط اللياقة الطبية المقررة. يجب أيضاً اجتياز اختبار اللياقة البدنية وقفزة الثقة وفقاً للقواعد المقررة، بالإضافة إلى اجتياز الاختبار الشخصي المعروف بـ”كشف الهيئة” والذي يتم تقييمه من قبل لجنة الاختبار.
نظام الدراسة في الكليه الجويه
تعتبر الكلية الجوية منارةً لتخريج أجيال من الطيارين وضباط القوات الجوية المؤهلين، وتتميز بنظام دراسي متكامل يمتد لثلاث سنوات، مقسمة إلى ستة فصول دراسية. تهدف إلى صقل مهارات الطلاب وتزويدهم بالمعرفة اللازمة للتفوق في مجال الطيران.
الإعداد العسكري والانطلاق الأكاديمي:
تبدأ رحلة الطلاب في الكلية الجوية بفترة إعداد عسكري مكثفة، يتم فيها دمجهم مع زملائهم من الكليات العسكرية الأخرى في الكلية الحربية، ليتلقوا تدريبات عسكرية أساسية تعزز لديهم قيم الانضباط والالتزام والعمل الجماعي. بعد ذلك. ينتقلون إلى الكلية الجوية لاستكمال هذه الفترة في الفصل الدراسي الثاني.
المزاوجة بين النظرية والتطبيق في الكليه الجويه:
اعتبارًا من الفصل الدراسي الثاني، ينغمس الطلاب في دراسة المواد النظرية المتخصصة في مجال الطيران، مثل علوم الطيران والملاحة الجوية. إلى جانب العلوم العسكرية والثقافية. ولا يقتصر الأمر على الدراسة النظرية فقط، بل يتم تعزيز هذه المعرفة بالتدريب العملي في المعامل المتخصصة. حيث يتدربون على محاكيات الطائرات والملاحة الجوية والتوجيه والمراقبة، مما يمنحهم خبرة عملية قيمة قبل الانتقال إلى التدريب الفعلي على الطائرات.
تخصص الطيران: الإقلاع نحو الاحتراف:
- السنة الثانية:
- يتدرب الطلاب على محاكي الطائرة (G115EG) لتوفير الجهد والمال. ثم ينتقلون إلى التدريب العملي على الطيران باستخدام طائرة الجروب الحديثة، حيث يتم اختيار الطلاب ذوي المهارات المتميزة لتعلم الطيران.
- يتلقى الطلاب الحاصلون على لياقة طبية (ب) تدريبًا على طائرة الهل جازيل بعد إتمام 35 طلعة على طائرة الجروب.
- السنة الثالثة:
- يتدرب الطلاب المتخصصون في المقاتلات على محاكيات الطائرة (K8E) والكرسي المنطلق. ثم ينتقلون إلى التدريب العملي الأساسي والمتقدم على الطائرة (K8E) المجهزة بأحدث الأجهزة الملاحية وأنظمة التسليح.
- يتلقى الطلاب المتخصصون في الهليكوبتر تدريبًا على طائرتي (هل جازيل) و(مي 8).
تخصص العلوم العسكرية الجوية قيادة من الأرض في الكلية الجويه:
- السنة الثانية:
- يتم تحويل الطلاب غير اللائقين للطيران إلى قسم جوي (أ) لدراسة أعمال الملاحة الجوية وتوجيه الطائرات، ويتلقون إعدادًا نظريًا شاملاً في المواد الملاحية.
- يتلقى الطلاب الحاصلون على لياقة طبية (ج) إعدادًا نظريًا للمراقبة الجوية والتوجيه الأرضي، ويتدربون على توجيه المقاتلات وأعمال برج المراقبة الجوية.
- السنة الثالثة:
- يتدرب الطلاب المتخصصون في الملاحة الجوية عمليًا من خلال 10 طلعات طيران داخلي وطلعة واحدة خارجية على طائرة البافلو.
- يتدرب الطلاب الحاصلون على لياقة طبية (ج) على الاعتراض العملي باستخدام المقلد الراداري وأعمال المراقبة الجوية.
بهذا النظام الدراسي المتكامل، تضمن الكلية الجوية تخريج ضباط مؤهلين تأهيلاً عاليًا. قادرين على تحمل المسؤولية والقيام بمهامهم بكل كفاءة واقتدار، ليكونوا درعًا وسيفًا يحمي سماء الوطن.
الأقسام العلمية في الكليه الجويه:
تنقسم الأقسام العلمية في الكلية الجوية إلى فرعين رئيسيين، هما فرع علوم الطيران وفرع العلوم العسكرية الجوية. في فرع علوم الطيران، يتخصص الطلاب في مجالات مختلفة تشمل طيران المقاتلات، طيران الهليكوبتر، وطيران النقل والمواصلات. حيث يتعلمون كيفية قيادة وإدارة هذه الأنواع المختلفة من الطائرات بكفاءة واحترافية. أما فرع العلوم العسكرية الجوية، فيركز على تخصصات متعددة تشمل الملاحة الجوية، المراقبة الجوية. وتوجيه الطائرات، حيث يكتسب الطلاب المهارات اللازمة لتوجيه الطائرات وضمان سلامة وأمان الحركة الجوية. من خلال هذه الأقسام العلمية المتنوعة. تضمن الكلية الجوية إعداد ضباط مؤهلين قادرين على أداء مهامهم بكفاءة عالية في مختلف مجالات الطيران العسكري.
تنسيق الكلية الجويه المتوقع لعام 2024
لم يُعلن رسميًا حتى الآن عن تنسيق الكلية الجوية لعام 2024. ومع ذلك، بناءً على تنسيقات الأعوام السابقة والتغيرات في نظام القبول بالكليات العسكرية، يمكن توقع ما يلي:
- المجموع الكلي: من المتوقع أن يكون الحد الأدنى للمجموع الكلي للقبول في الكلية الجوية حوالي 55% فأكثر في الشعبة العلمية (علوم ورياضة) و 60% فأكثر في الشعبة الأدبية.
- اختبارات القبول: ستظل اختبارات اللياقة البدنية والطبية والنفسية والقدرات جزءًا أساسيًا من عملية القبول، وقد تشهد بعض التعديلات في معايير التقييم.
- ثم عدد الأماكن المتاحة: من المتوقع أن يظل عدد الأماكن المتاحة في الكلية الجوية محدودًا، مما يجعل المنافسة على القبول شديدة.
في النهاية تُعِدُّ الكلية الجويه أجيالاً من الأبطال القادرين على حماية سماء الوطن، من خلال تدريب صارم وشامل يضمن جاهزيتهم لمواجهة كافة التحديات. إن كنت تحلم بالتحليق عالياً وخدمة وطنك من السماء، فإن الكلية الجوية هي المكان الذي سيحول هذا الحلم إلى واقع ملموس.
👌